زينب حاوي
من كان يتخيّل أن نصل إلى مرحلة نسمع فيها نعياً لكبير عملاء «إسرائيل» أنطوان لحد يوم وفاته، أو أن نقع في بعض المواقع الإلكترونية والصحف على سيرته الذاتية المكتوبة بـ «موضوعية» من دون إدانة قائد «ميليشيا لحد» أو التذكير بتاريخه القذر في العمالة والتنكيل بأهل الجنوب اللبناني. موت أنطوان لحد (88 سنة) في فرنسا، بشرّتنا به صحيفة «لوريان لو جور» الفرنكفونية نقلاً عن «مصادر مقرّبة من عائلته» يوم الجمعة الماضي، ضمن مقال نشرته على موقعها بعنوان: «موت أنطوان لحد في باريس، القائد السابق لجيش لبنان الجنوبي». فيه، أعلنت الصحيفة نية دفنه في لبنان وتحديداً في قريته الشوفية «كفر قطرة».
بداية، انتشر الخبر بسرعة ممزوجة بحذر على مواقع التواصل الاجتماعي، خوفاً من أن يكون مجرّد شائعة. لكن مع تأكيد النبأ الذي أنهى تاريخاً من العمالة والهروب من المحاسبة إلى احضان الصهاينة، أصرّت الصحيفة المذكورة على إسباغ المذكور بطابع إنساني. هكذا، ذكّرتنا بسيرته الذاتية والأكاديمية، فهو «متحدّر من عائلة مارونية، وحاصل على ديبلوم من الأكاديمية العسكرية اللبنانية عام 1952»، إضافة إلى إصابته «البليغة» جرّاء محاولة اغتياله على يد المناضلة سهى بشارة التي شلّت يده اليسرى.
طبعاً سيرة ذاتية مثيرة للشفقة والتعاطف غيّبت الجانب الإجرامي والدموي للراحل. ولم يكتف المقال بهذا الحدّ، بل أحب أن يضيف جرعة «إنسانية» إضافية تمثلت في إعلان أحد أفراد عائلته لـ «لوريان لوجور» أنّ لحد كان نادماً كثيراً على عدم تمكنه من زيارة مسقط رأسه «كفر قطرة»: «الدولة اللبنانية كانت ظالمة معه»!
في السياق نفسه، ولّد إعلان دفن العميل لحد في لبنان غضباً على الساحة الافتراضية عبر هاشتاغات حثّت على الاعتصام في منطقة «الكوكودي» عند الساعة السادسة مساءً، للتنديد بهذه الخطوة. علماً بأنّه يُتوقع وصول الجثمان إلى مطار بيروت في هذا التوقيت.
أمام هذا المشهد القاتم، غلبت صورة المناضلة سهى بشارة التي كان لها شرف محاولة اغتيال لحد. انتشرت صورها ومواقفها الوطنية على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، مع تساؤل يحمل الكثير من السخرية المريرة: «أنطوان لحد يُدفن في لبنان، بينما بشارة لا تستطيع منح جنسيتها لأولادها» (متزوّجة من سويسري ولها ولدان)... فعلاً إنها المهزلة اللبنانية!
1 تعليقات:
شكرا لكم
إرسال تعليق